فصل: قال ابن عاشور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ولا شك أن مدار الشريعة على أن الأصل عدم النسخ لأنه لو كان احتمال طريان النسخ معادلًا لاحتمال بقاء الحكم على ما كان فحينئذ لا يمكن التمسك بشيء من النصوص في إثبات شيء من الأحكام لاحتمال أن يقال: إنه وإن كان ثابتًا إلا أنه زال.
وما قيل في الاستثناء يرد عليه أن المصدر المؤول من أن والفعل لا ينصب على الظرفية ولا يقع حالًا لأنه معرفة وبعضهم قال لاتصال الاستثناء: إن التقدير إلا الموصوف بأن يكون أحد الأربعة على أنه بدل من {مُحَرَّمًا} وفيه تكلف ظاهر، وقيل: التقدير على قراءة الرفع إلا وجود ميتة والإضافة فيه من إضافة الصفة إلى الموصوف أي ميتة موجودة.
وأجيب أيضًا عن الإشكال بأن الآية وإن دلت على الحصر إلا أنا نخصصها بالأخبار.
وتعقبه الإمام أيضًا بأن هذا ليس من باب التخصيص بل هو صريح النسخ لأنها لما كان معناها أن لا محرم سوى الأربعة فإثبات محرم آخر قول بأن الأمر ليس كذلك وهو رفع للحصر ونسخ القرآن بخبر الواحد غير جائز.
وأجاب عن ذلك القطب الرازي بأنه لا معنى للحصر هاهنا إلا أن الأربعة محرمة وما عداها ليس بمحرم وهذا عام فإثبات محرم آخر تخصيص لهذا العام وتخصيص العام بخبر الواحد جائز.
وقد احتج بظاهر الآية كثير من السلف فأباحوا ما عدا المذكور فيها فمن ذلك الحمر الأهلية.
أخرج البخاري عن عمرو بن دينار قلت لجابر بن عبد الله: أنهم يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر فقال: قد كان يقول ذلك الحكم بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن أبى ذلك البحر يعني ابن عباس وقرأ {قُل لا أَجِدُ فِيمَا أُوحِىَ إِلَىَّ} الآية.
وأخرج أبو داود عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه سئل عن أكل القنفذ فقرأ الآية، وأخرج ابن أبي حاتم وغيرهم بسند صحيح عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها كانت إذا سئلت عن كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير قالت {قُل لا أَجِدُ} إلخ.
وأخرج عن ابن عباس قال: ليس من الدواب شيء حرام إلا ما حرم الله تعالى في كتابه {قُل لا أَجِدُ} الآية، وقوى الإمام الرازي القول بالظاهر فإنه قال بعد كلام فثبت بالتقرير الذي ذكرناه قوة هذا الكلام وصحة هذا المذهب وهو الذي كان يقول به مالك بن أنس؛ ثم قال: ومن السؤالات الضعيفة أن كثيرًا من الفقهاء خصصوا عموم هذه الآية بما نقل أنه صلى الله عليه وسلم قال: «ما استخبثته العرب فهو حرام» وقد علم أن الذي تستخبثه غير مضبوط فسيد العرب بل سيد العالمين عليه الصلاة والسلام لما رآهم يأكلون الضب قال: «يعافه طبعي» ولم يكن ذلك سببًا لتحريمه.
وأما سائر العرب ففيهم من لا يستقذر شيئًا وقد يختلفون في بعض الأشياء فيستقذرها قوم ويستطيبها آخرون فعلم أن أمر الاستقذار غير مضبوط بل هو مختلف باختلاف الأشخاص والأحوال فكيف يجوز نسخ هذا النص القاطع بذلك الأمر الذي ليس له ضابط معين ولا قانون معلوم انتهى.
ولا يخفى ما فيه.
واستدل النبي صلى الله عليه وسلم بقوله سبحانه: {على طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ} على أنه إنما حرم من الميتة أكلها وأن جلدها يطهر بالدبغ، أخرج أحمد وغيره عن ابن عباس قال: ماتت شاة لسودة بنت زمعة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لو أخذتم مسكها فقالت نأخذ مسك شاة قد ماتت؟ فقال عليه الصلاة والسلام: إنما قال الله تعالى: {قُل لا أَجِدُ فِيمَا أُوحِىَ إِلَىَّ مُحَرَّمًا على طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَن يَكُونَ مَيْتَةً} وإنكم لا تطعمونه أن تدبغوه تنتفعوا به».
واستدل الشافعية بقوله سبحانه: {فَإِنَّهُ رِجْسٌ} على نحاسة الخنزير بناء على عود الضمير على خنزير لأنه أقرب مذكور. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا...} الآية.
استئناف بياني نشأ عن إبطال تحريم ما حرّمه المشركون، إذ يتوجّه سؤال سائل من المسلمين عن المحرّمات الثابتة، إذْ أبطلت المحرّمات الباطلة، فلذلك خوطب الرّسول صلى الله عليه وسلم ببيان المحرّمات في شريعة الإسلام بعد أن خوطب ببيان ما ليس بمحرّم ممّا حرّمه المشركون في قوله: {قل ءآلذّكرين حرم أم الأنثيين} [الأنعام: 144] الآيات.
وافتُتح الكلام المأمورُ بأن يقوله بقوله: {لا أجد} إدماجًا للردّ على المشركين في خلال بيان ما حُرّم على المسلمين، وهذا الردّ جار على طريقة كناية الإيماء بأن لم يُنْفَ تحريم ما ادّعوا تحريمه صريحًا، ولكنّه يقول لا أجده فيما أوحي إليّ ويستفاد من ذلك أنَّه ليس تحريمه من الله في شرعه، لأنَّه لا طريق إلى تحريم شيء ممّا يتناوله النّاس إلاّ بإعلام من الله تعالى، لأنّ الله هو الّذي يُحلّ ما شاء ويحرّم ما شاء على وفق علمه وحكمته، وذلك الإعلام لا يكون إلاّ بطريق الوحي أو ما يُستنبط منه، فإذا كان حكم غير موجود في الوحي ولا في فروعه فهو حكم غير حقّ، فاستفيد بطلان تحريم ما زعموه بطريقة الإيماء، وهي طريقة استدلالية لأنّ فيها نفي الشّيء بنفي ملزومه.
و{أجد} بمعنى: أظفر، وهو الّذي مصدره الوَجد والوجدانُ، وهو هنا مجاز في حصول الشّيء وبلوغه، يقال: وجَدْت فلانًا ناصرًا، أي حصلت عليه، فشبّه التّحصيل للشّيء بالظفَر وإلْفاءِ المطلوب، وهو متعدّ إلى مفعول واحد.
والمراد، بـ {ما أوحي} ما أعلمه الله رسوله صلى الله عليه وسلم بوحي غير القرآن لأنّ القرآن النّازل قبل هذه الآية ليس فيه تحريم الميتة والدّم ولحم الخنزير وإنَّما نزل القرآن بتحريم ما ذكر في هذه الآية ثمّ في سورة المائدة.
والطاعم: الآكِلُ، يقال: طَعِم كَعَلِم، إذا أكل الطَّعام، ولا يقال ذلك للشَّارب، وأمَّا طَعِم بمعنى ذاق فيستعمل في ذوق المطعومات والمشروبات، وأكثر استعماله في النّفي، وتقدّم بيانه عند قوله تعالى: {ومن لم يطعَمْه فإنَّه منّي} في سورة البقرة (249)، وبذلك تكون الآية قاصرة على بيان محرّم المأكولات.
وقوله: {يطعمه} صفة لطاعم وهي صفة مؤكّدة مثل قوله: {ولا طائر يطير بجناحيه} [الأنعام: 38].
والاستثناء من عموم الأكوان الّتي دلّ عليها وقوع النّكرة في سياق النّفي.
أي لا أجد كائنًا محرّمًا إلاّ كونه ميتة إلخ أي: إلاّ الكائن ميتة إلخ، فالاستثناء متّصل.
والحصر المستفاد من النّفي والاستثناء حقيقي بحسب وقت نزول هذه الآية.
فلم يكن يومئذ من محرّمات الأكل غير هذه المذكورات لأنّ الآية مكّيّة ثمّ نزلت سورة المائدة بالمدينة فزيد في المحرمات كما يأتي قريبًا.
والمسفوح: المصبوب السائل، وهو ما يخرج من المذبح والمَنْحَر.
أو من الفصد في بعض عروق الأعضاء فيسيل.
وقد كان العرب يأكلون الدّم الّذي يسيل من أوداج الذّبيحة أو من منحَر المنحورة ويجمعونه في مَصير أو جِلد ويجفّفونه ثمّ يشْوونه، وربّما فصدوا من قوائم الإبل مَفصدا فأخذوا ما يحتاجون من الدّم بدون أن يهلك البعير، وربَّما خلطوا الدّم بالوَبَر ويسمّونه (العِلْهِز)، وذلك في المجاعات.
وتقييد الدّم بالمسفوح للتّنبيه على العفو عن الدمّ الّذي ينزّ من عروق اللّحم عند طبخه فإنَّه لا يمكن الاحتراز عنه.
وقوله: {فإنه رجس} جملة معترضة بين المعطوفات، والضّمير قيل: عائد إلى لحم الخنزير، والأظهر أن يعود إلى جميع ما قبله، وأنّ افراد الضّمير على تأويله بالمذكور، أي فإنّ المذكور رجس، كما يفرد اسم الإشارة مثل قوله: {ومن يفعل ذلك يلق أثامًا} [الفرقان: 68].
والرّجس: الخبيث والقَذر.
وقد مضى بيانه عند قوله تعالى: {كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون} في هذه السورة (125).
فإن كان الضّمير عائدًا إلى لحم الخنزير خاصّة فوصفه برجس تنبيه على ذمّه.
وهو ذمّ زائد على التّحريم، فوَصفه به تحذير من تناوله.
وتأنيس للمسلمين بتحريمه، لأنّ معظم العرب كانوا يأكلون لحم الخنزير بخلاف الميتة والدّم فما يأكلونها إلاّ في الخصاصة.
وخباثة الخنزير علمها الله تعالى الّذي خلَقه.
وتبيّن أخيرًا أنّ لحمه يشتمل على ذرّات حيوانية مضرّة لآكِله أثبتها علم الحيوان وعلم الطبّ.
وقيل: أريد أنَّه نجس لأنَّه يأكل النّجاسات وهذا لا يستقيم لأنّ بعض الدّواب تأكل النّجاسة وتُسمّى الجلاّلة وليست محرّمة الأكللِ في صحيح أقوال العلماء.
وإن كان الضّمير عائدًا إلى الثلاثة بتأويل المذكور كان قوله: {فإنه رجس} تنبيهًا على علّة التّحريم وأنَّها لدفع مفسدة تحصل من أكل هذه الأشياء.
وهي مفسدة بدنيّة.
فأمَّا الميتة فلما يتحوّل إليه جسم الحيوان بعد الموت من التعفّن، ولأنّ المرض الّذي كان سبب موته قد يَنتقل إلى آكله.
وأمَّا الدّم فلأنّ فيه أجزاء مضرّة.
ولأنّ شُربه يورث ضراوة.
والفسق: الخروج عن شَيْء.
وهو حقيقة شرعية في الخروج عن الإيمان، أو عن الطّاعة الشّرعية، فلذلك يوصف به الفعل الحرام باعتبار كونه سببًا لفسق صاحبه عن الطّاعة.
وقد سمّى القرآن ما أهلّ به لغير الله فسقًا في الآية السالفة وفي هذه الآية، فصار وصفًا مشهورًا لِمّا أهلّ به لغير الله، ولذلك أتبعه بقوله: {أهل لغير الله به}.
فتكون جملة: {أهل لغير الله به} صفة أو بيانًا ل {فسقًا}، وفي هذا تنبيه على أنّ تحريم ما أهلّ لغير الله به ليس لأنّ لحمه مضرّ بل لأنّ ذلك كفر بالله.
وقد دلّت الآية على انحصار المحرّمات من الحيوان في هذه الأربعة، وذلك الانحصار بحسب ما كان مُحرّمًا يوم نزول هذه الآية، فإنَّه لم يحرّم بمكّة غيرها من لحم الحيوان الّذي يأكلونه، وهذه السّورة مكّيّة كلّها على الصّحيح، ثمّ حرّم بالمدينة أشياء أخرى، وهي: المنخنقة والموقوذة والمتردّية والنّطيحة وأكيلة السّبع بآية سورة العقود (3).
وحُرّم لحم الحُمر الإنسيّة بأمر النّبي صلى الله عليه وسلم على اختلاف بين العلماء في أنّ تحريمه لذاته كالخنزير، أو لكونها يومئذ حَمولة جيش خيبر، وفي أنّ تحريمه عند القائلين بأنّه لذاته مستمرّ أو منسوخ، والمسألة ليست من غرض التّفسير فلا حاجه بنا إلى ما تكلّفوه من تأويل حصر هذه الآية المحرّمات في الأربعة.
وكذلك مسألة تحريم لحم كلّ ذي ناب من السّباع ولحم سباع الطّير وقد بسطها القرطبي وتقدّم معنى: {أهِلّ لغير الله به} في تفسير سورة المائدة (3).
وقرأ الجمهور: {إلاّ أن يكون} بياء تحتيّة ونصب {ميتة} وما عطف عليها وقرأه ابن كثير، وابن عامر، وحمزة بتاء فوقيّة ونصب {ميتة} وما عطف عليه عند من عَدا ابن عامر.
وقرأه ابن عامر وأبو جعفر بتاء فوقيّة ورفع {ميتةٌ} ويشكل على هذه القراءة أنّ المعطوف على ميتة منصوبات وهي: {أو دمًا مسفوحًا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقًا أهل لغير الله به}.
ولم يعرّج عليها صاحب الكشاف، وقد خُرّجت هذه القراءة على أن يكون: {أو دمًا مسفوحًا} عطفًا على {أنْ} وصلتها لأنَّه محلّ نصب بالاستثناء فالتّقدير: إلاّ وجود ميتة، فلمّا عبّر عن الوجود بفعل {يكون} التّامّ ارتفع ما كان مضافًا إليه.
وقوله: {فمن اضطر غير باغ ولا عاد} تقدّم القول في نظيره في سورة البقرة (173) في قوله: {فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه}.
وإنَّما جاء المسند إليه في جملة الجزاء وهو ربك معرّفًا بالإضافة دون العلميّة كما في آية سورة البقرة (192): {فإنّ الله غفور رحيم} لما يؤذن به لفظ الربّ من الرأفة واللّطف بالمربوب والولاية، تنبيها على أنّ الله جعل هذه الرّخصة للمسلمين الّذين عبدوه ولم يشركوا به، وأنَّه أعرض عن المشركين الّذين أشركوا معه غيره لأنّ الإضافة تشعر بالاختصاص، لأنَّها على تقدير لام الاختصاص، فلمّا عبر عن الغفور تعالى بأنَّه ربّ النّبيء عليه الصّلاة والسّلاة علم أنَّه ربّ الَّذين اتَّبعوه، وأنَّه ليس ربّ المشركين باعتبار ما في معنى الربّ من الولاية، فهو في معنى قوله تعالى: {ذلك بأنّ الله مولى الذين آمنوا وأنّ الكافرين لا مولى لهم} [محمد: 11] أي لا مولى يعاملهم بآثار الولاية وشعارها، ذلك لأنّ هذه الآية وقعت في سياق حجاج المشركين بخلاف آية البقرة (172) فإنَّها مفتتحة بقوله: {يا أيّها الذين آمنوا كلوا من طيّبات ما رزقناكم} والإخبار بأنَّه غفور رحيم، مع كون ذلك معلومًا من مواضع كثيرة، هو هنا كناية عن الإذن في تناول تلك المحرّمات عند الاضطرار ورفع حرج التّحريم عنها حينئذ فهو في معنى قوله في سورة البقرة (182): {فلا إثم عليه إنّ الله غفور رحيم}. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

.من لطائف القشيري في الآية:

قال عليه الرحمة:
{قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (145)}
بيَّن أَنَّ الشارعَ اللهُ، والمانعَ عن الخلْق هو الله، وما كان من غير الله فضائعٌ باطلٌ عند الله. بيَّن أنه إذا جاء الاضطرارُ زال حكمُ الاختيار. اهـ.

.من فوائد القاسمي في الآية:

قال رحمه الله:
{قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} أي: طعامًا محرمًا من المطاعم: {عَلَى طَاعِمٍ} أي: أي: طاعم كان من ذكر أو أنثى. ردًا على قولهم: {مُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا} وقوله: {يَطْعَمُهُ} لزيادة التقرير: {إِلَّا أَنْ يَكُونَ} أي: ذلك الطعام: {مَيْتَةً}. قال المهايمي: والموت سبب الفساد. فهو منجس، إلا أن يمنع من تأثيره مانع من ذكر اسم الله، أو كونه من الماء، أو غيرهما: {أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} أي: سائلًا لا كبدًا أو طحالًا: {أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} لتعوده أكل النجاسات: {أَوْ فِسْقًا} أي: خروجًا عن الدين الذي هو كالحياة المطهّرة: {أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ} أي: ذبح على اسم الأصنام ورفع الصوت على ذبحه باسم غير الله. وإنما سمي {مَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ} فسقًا، لتوغله في باب الفسق ومنه قوله تعالى: {وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ} {فَمَنِ اضْطُرَّ} أي: أصابته الضرورة الداعية إلى تناول شيء مما ذكر: {غَيْرَ بَاغٍ} أي: على مضطر مثله، تارك لمواساته: {وَلا عَادٍ} متجاوز قدر حاجته من تناوله: {فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيم} لا يؤاخذه. وقد تقدم تفسير هذه الآية في سورة البقرة والمائدة بما فيه كفاية.